بعد عام 2011، غرس إخوان تونس مخالبهم في اتحاد المزارعين، وعينوا عبد المجيد الزار على رأس هذه المنظمة، بهدف الاختراق من الداخل.
واتحاد المزارعين هو منظمة وطنية تأسست عام 1949، لتكون هيكل نقابي يدافع عن المزارعين في مختلف القطاعات الفلاحية، لكنه يعيش صراعا داخليا بسبب رفض رئيسه عبد المجيد الزار إجراءات سحب الثقة منه.
وعبد المجيد الزار من أبرز قيادات حركة النهضة في تونس، إذ كان عضوًا في مجلس شورى الحركة واستقبال منه في عام 2012، ليصبح رئيسًا لاتحاد الزراعة.
وفي الفترة السابقة، واجه الاتحاد انتقادات لاذعة بسبب ما تم اعتباره محاولة توظيف الاتحاد لخدمة حركة النهضة، الذراع السياسي للإخوان الإرهابية.
ورفض الرئيس التونسي قيس سعيد استقبال الزار في مشاورات الحوار الوطني، واستقبل بدلا منه نائب رئيس اتحاد المزارعين، نور الدين بن عياد، ما أعاد للواجهة ملف الزار، خاصة وأن سعيد صرح مرارا وتكرارا بأنه "لا يجلس مع الخونة والفاسدين".
بدوره، قال بن عياد إن الرئيس التونسي قال له خلال لقاء جرى مؤخرا بقصر قرطاج، "طهروا المنظمة الفلاحية من شخص رئيسها".
واعتبر بن عياد، أن عدم استقالة الزار حتى الآن، أضر بالمنظمة، مشيرا إلى أن شبهات الفساد التي تحوم حوله، "شبه مؤكدة لدى قيس سعيد المستاء منه".
سحب الثقة
وتطور الأمر الأربعاء الماضي، حين سحب أعضاء اتحاد المزارعين في تونس، الثقة من رئيسه والقيادي السابق في حركة النهضة الإخوانية.
وتمت الإطاحة بالزار، خلال جلسة عقدها المجلس المركزي لاتحاد الزراعة والصيد البحري، بحضور جميع رؤساء الهياكل المحلية.
وقرر أعضاء اتحاد المزارعين سحب الثقة من عبد الزار المعروف في تونس برجل حركة النهضة الإسلامية في الاتحاد، وتم انتخاب نور الدين بن عياد بالإجماع رئيسًا جديدًا له.
وجاء القرار بعد أن أذنت وزيرة العدل ليلى الجفال قبل أسابيع، لمحكمة الاستئناف بتونس/ بفتح تحقيق ضد الزار في شبهة الاستيلاء على أموال عمومية، والتلاعب بالأسعار، والاحتكار.
لكن الزار رفض إجراءات سحب الثقة منه، وأصدر بيانا باسم الاتحاد بيانا اعتبر فيه قرار تعيين نور الدين عياد رئيسا جديدا، لاغيا.
ويعتبر مراقبون أن الصراع في قلب اتحاد المزارعين، يهدف إلى تطهير هذه المنظمة العتيدة من براثن الإخوان والفاسدين.
مؤامرة إخوانية
وفي هذا الإطار، يقول عبد الكريم بالعابد العضو السابق باتحاد المزارعين، "تم تعيين الزار بعد 2011 من طرف وزراء الإخوان، وهم وزير الزراعة الإخواني الأسبق محمد بن سالم ووزير الداخلية الأسبق علي العريض ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري".
وأكد في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الإخوان قفزوا على اتحاد المزارعين لأنهم متيقنين أن السيطرة على الاتحاد هي الوسيلة لتجويع التونسيين والضغط عليهم عن طريق المساس بقوتهم.
وتابع أن "اتحاد المزارعين أصبح ذراعا من أذرع الحركة وحاد عن مهمته الأساسية في الدفاع عن المزارعين".
لا بديل عن التطهير
فيما رأى الصحبي الصديق، المحلل السياسي أن "قيس سعيد ماض بشكل جدي في تفكيك شبكة الإخوان وتقويض نفوذها المتغلغل داخل مؤسسات الدولة والمنظمات الوطنية في البلاد مثل اتحاد المزارعين".
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن قيس سعيد يعمل على تحييد المنظمات الوطنية من سيطرة الإخوان والفاسدين.
وأوضح أن الحوار الوطني المزمع تنفيذه لن يكون مع الزار بصفته رئيسا للاتحاد، بل مع نور الدين بن عياد بصفته ممثلا لهذه المنظمة.
وخلال الساعات الماضية، بدأ الرئيس التونسي قيس سعيد، لقاءات منفصلة مع الأحزاب السياسية المناهضة للإخوان والمنظمات الوطنية الأربع بينها "اتحاد الشغل"، تمهيدا لانطلاق مشاورات فعلية من أجل حوار وطني يُفضي لـ"لبناء الجمهورية الجديدة".
فيما قال رئيس الجامعة التونسية للمنظومات الفلاحية والصيد البحري، شكيب التريكي، إن الزار لم ينخرط يوما في المنظمة الفلاحية ولكن بعد الثورة تم إسقاطه عليها.
وشدد التريكي في تصريحات إعلامية على أن نور الدين بن عياد هو الرئيس الشرعي لاتحاد المزارعين، وعلى الزار التخلي من أجل مصلحة المنظمة ومصلحة منظوري الاتحاد، خاصة وأن كل الأفق بينه وبين الحكومة مسدود، وفق قوله.
وتابع أن "الزار حتى الآن لم يستقل من حركة النهضة ومن مجلس الشورى" والإخوان "عجزت عن السيطرة على الاتحاد العام التونسي للشغل، واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، فحاولت السيطرة على اتحاد المزارعين نظرا لتمثيليته الكبيرة في مختلف مناطق البلاد".