هل تتراجع صناعة السيارات الكهربائية؟.. السر في "التضخم الأخضر"


 

ما يزال الوضع الأساسي لمبيعات السيارات الكهربائية كما هو دون تغيير، لكن التضخم الأخضر قد يفرض "ضغطاً هبوطياً سلبياً" على انتشارها.


ما هو التضخم الأخضر؟

التضخم الأخضر؛ هو مصطلح يوضح ارتفاع حاد في الأسعار المتعلقة بتحول الطاقة.



ووفق تعريف اقتصادي أبسط؛ فمصطلح التضخم الأخضر يعني الارتفاع الحاد في أسعار المواد والمعادن وغيرها، التي تُستخدم في ابتكار التقنيات المتجددة والصديقة للبيئة.


 وبحسب خبيرة الاقتصاد الألمانية شنابل، فإن "التضخم الأخضر" الناتج عن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، واقع ملموس ومستمر وليس مؤقتا، وقد يصبح الأمر أسوأ.


وموجة التضخم المرتبطة بالتحول إلى الاقتصاد الأخضر ستفتح الباب أمام نوع من الشماتة من جانب الكثيرين من العاملين في قطاع الطاقة، والذين سيقولون: "لقد قلنا لكم"، في إشارة إلى تحذيرات أنصار الوقود الأحفوري من ارتفاع أسعار الطاقة إذا تراجعت الاستثمارات في مجال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي واستخراجهما بسبب الدعاوى البيئية. فتراجع إمدادات الوقود الأحفوري دون العمل على تقليل الطلب لن يؤدي إلا إلى نتيجة واحدة؛ وهي ارتفاع الأسعار.


ولا يقتصر تأثير التحول في مجال الطاقة على أسعار مصادرها. فمع تحرك العالم نحو كهربة كل شيء من التدفئة إلى السيارات، سيزداد الطلب على السلع المستخدمة في هذا التحول الأخضر وبالتالي سترتفع أسعارها. على سبيل المثال فإن سعر معدن الليثيوم الذي يعتبر عنصرا أساسيا في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، ارتفع بشكل قياسي. والأمر نفسه ينطبق على النحاس المطلوب في صناعة كل جزء من الأسلاك الكهربائية.


وتقول شنابل إن التضخم الأخضر ستكون له عواقب مالية ونقدية، وستحتاج الحكومات إلى دعم الأسر التي تعاني من ارتفاع أسعار الطاقة. ورغم أنها لم تتحدث كثيرا عن تضرر الشركات، فقد بات واضحا أنه إذا تركت أوروبا أسعار الغاز والكهرباء ترتفع بلا كابح، فإنها ستخسر الكثير من الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة مثل صناعة الألمنيوم والأسمدة... وقد تضطر البنوك المركزية إلى التخلي عن نظرتها التقليدية لأسعار الطاقة، لأن التحول قد يعني بشكل عام ارتفاع الطلب الكلي من خلال الاستثمار البدائل الخضراء للوقود الأحفوري، مع ارتفاع معدل التضخم أيضا.


كما يمكن القول إن صناع القرار في واشنطن باتوا أكثر إدراكا لمخاطر التضخم الناجم عن التحول إلى الاقتصاد الأخضر من نظرائهم في الاتحاد الأوروبي ووكالة الطاقة الدولية، والذين ما زالوا يتحدثون فقط عن إيجابيات التحول إلى الطاقة النظيفة.


إخماد ثورة السيارات الكهربائية

فيما يتعلق بتحول الصناعة السريع نحو السيارات الكهربائية، قال جيل برات، كبير علماء شركة "تويوتا موتور"، إن "العالم فكر في الأمر بطريقة بسيطة للغاية"، من جوانب معينة. وأشار إلى أنه مع أخذ الجداول الزمنية المختلفة لصُناع السيارات وقطاع الطاقة في الاعتبار، "فإنك تواجه حدوداً صعبة".


حذر "برات": "ستكون هناك أزمة، ولن تجد مواد كافية"، مضيفاً أن الأوضاع ستظل على الأرجح "صعبة" على المدى القريب والمتوسط.



بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف البطاريات، تظهر شكوك جديدة بشأن مدى سرعة ونطاق انتشار السيارات الكهربائية. ووسط مواجهة اقتصادات الولايات المتحدة والصين، وهما أكبر سوقين للسيارات في العالم، ضغوطاً، فإن هناك مؤشرات على أن المستهلكين العاديين ربما لا يتمكنون من اقتناء السيارات الكهربائية باهظة الثمن بالفعل.


فيما قال كوتا يوزاوا، رئيس أبحاث السيارات الآسيوية لدى مجموعة "جولدمان ساكس"، إنه مع ارتفاع أسعار الغاز عالمياً، "لم نشهد بعد أي تباطؤ واسع في مبيعات السيارات الكهربائية"، لكن "ثمة مخاوف من إمكانية ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية مرة أخرى هذا الشهر".


تشير بيانات "كوكس أوتوموتيف" إلى أن متوسط سعر صفقة سيارة كهربائية جديدة في الولايات المتحدة تجاوز الـ65 ألف دولار في أبريل، بزيادة 16% عن العام السابق. فاق هذا الرقم المكاسب المحققة في إجمالي أسعار السيارات الجديدة خلال نفس الفترة، ووضع المركبات الكهربائية بشكل مباشر في نفس فئة أسعار السيارات الفاخرة.


ربما تؤدي تكاليف المواد الخام إلى ارتفاع الأسعار. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن حزم البطاريات قد تصبح أغلى بنسبة 15% هذا العام، بعد انخفاض دام لأكثر من عقد. ورغم أن تدفق الموديلات الجديدة يدعم مبيعات السيارات الكهربائية حالياً، فإن "ضمان النمو المستقبلي سيتطلب جهوداً أكبر لتنويع تصنيع البطاريات وإمدادات المعادن الهامة، وبالتالي خفض مخاطر الاختناقات وارتفاع الأسعار"، بحسب تقرير حديث لوكالة الطاقة الدولية.



التكنولوجيا الهجينة الحل المنطقي

وفي وقت تبني فيه الصناعة سلاسل إمداد مستقرة للبطاريات، تعد التكنولوجيا الهجينة الخطوة المنطقية المؤقتة، بحسب "برات". وتعد السيارات الهجينة أكثر كفاءة من نظيرتها التقليدية، رغم أنها ما تزال تعمل بالبنزين، فضلاً عن أنها أرخص من الموديلات الكهربائية بالكامل ومزودة ببطاريات أصغر تتطلب مواد خام أقل.


بالإضافة إلى السيارات الكهربائية، تواصل "تويوتا" الاستثمار بكثافة في السيارات الهجينة، في محاولة لنشر رهاناتها، ووقت الانتظار مع تطور سلاسل إمداد البطاريات. وأثارت مبيعات صانع السيارات الياباني الضئيلة نسبياً من السيارات الكهربائية انتقادات تشير إلى تباطؤها وسط ثورة السيارات الكهربائية.


في ظل تأثرها بهذه الانتقادات، كشفت "تويوتا" عن استثمار قيمته 4 تريليون ين (31.4 مليار دولار) في السيارات الكهربائية في ديسمبر/كانون الأول لإيضاح مدى جديتها بشأن التحول، حتى لو كانت تضع جدولاً زمنياً ومساراً مختلفين في الحسبان.


حتى الآن، يبدو أن استراتيجية "تويوتا" للتحول الحذر نحو السيارات الكهربائية، بينما تراهن على السيارات الهجينة، تؤتي ثمارها. وتفوقت "تويوتا" على "جنرال موتورز" في الربع الأخير من عام 2021 بصفتها بائع السيارات الأول في الولايات المتحدة، واحتفظت بلقبها في أوائل عام 2022، حيث تدافع المستهلكون على السيارات الهجينة كخيار ميسور التكلفة وأكثر كفاءة في استهلاك الوقود، وذلك في ظل ارتفاع أسعار الغاز 

إرسال تعليق

أحدث أقدم