في الفضاء.. هل النساء أكثر تحمًلا ومرونة من الرجال؟


 لطالما صورت أفلام هوليوود والخيال العلمي رائدات الفضاء على أنهن الأكثر قدرة على مواجهة الكائنات الفضائية المخيفة، أو السيطرة على آلة فضائية تسافر عبر المجرات، أو النجاة من تحطم محطة فضائية. وربما تكون هوليوود على حق في تصويرها لهذه السيناريوهات، إذ تشير دراسة أميركية جديدة عن تأثيرات الطيران الفضائي إلى أن النساء قد يكن أكثر مقاومة من الرجال لضغوط الفضاء ويتعافين بشكل أسرع عند عودتهن إلى الأرض.

نتائج الدراسة:

أكدت الدراسة الحديثة أن النساء قد يكن أكثر مرونة من الرجال في مواجهة ضغوط رحلات الفضاء، حيث أن نشاط الجينات يكون أكثر اضطرابًا لدى الرجال، ويستغرق وقتًا أطول للعودة إلى طبيعته بمجرد العودة إلى الأرض. ونقلت صحيفة "غارديان" أن هذه النتائج أولية نظرًا لأن عددًا قليلًا جدًا من رائدات الفضاء شملتهن الدراسة، ولكن إذا تم تأكيد هذه النتائج فقد تكون ذات أهمية كبيرة لبرامج إعداد رواد الفضاء واختيار الطواقم المناسبة للبعثات المستقبلية إلى القمر وما بعده.

تفاصيل الدراسة:

قام فريق من الباحثين بقيادة كريستوفر ماسون، أستاذ علم وظائف الأعضاء في كلية وايل كورنيل في نيويورك، بدراسة كيفية تفاعل الجهاز المناعي مع رحلات الفضاء لدى رجلين وامرأتين سافروا حول الأرض كمدنيين في مهمة SpaceX Inspiration4 عام 2021، وقارنوا نتائج البيانات مع 64 رائد فضاء آخرين. أظهرت الدراسة أن نشاط الجينات كان أكثر اضطرابًا لدى الرجال منه لدى النساء، واستغرق وقتًا أطول للعودة إلى طبيعته لدى الرجال بمجرد عودتهم إلى الأرض. أما أبرز البروتينات المتضررة فكان الفيبرينوجين، وهو نوع من بروتينات الدم يلعب دورًا هامًا في تجلط الدم.

تأثير رحلات الفضاء على الذكور:

كتب العلماء: "تشير البيانات المجمعة حتى الآن إلى أن الاستجابة التنظيمية الجينية والمناعية لرحلات الفضاء أكثر حساسية عند الذكور". وتابعوا: "ستكون هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتأكيد هذه الاتجاهات، ولكن مثل هذه النتائج يمكن أن يكون لها آثار على أوقات التعافي وربما اختيار الطاقم، على سبيل المثال المزيد من الإناث، لمهمات بعيدة مثل القمر، وما بعده".

العلاقة بين الحمل والفضاء:

من غير الواضح لماذا قد تكون النساء أكثر مرونة في رحلات الفضاء من الرجال، لكن ماسون يرجح أن بنية المرأة القادرة على التعامل مع متطلبات الحمل قد تلعب دورًا في ذلك. ويشرح: "إن القدرة على تحمل التغيرات الكبيرة في علم وظائف الأعضاء وديناميكيات السوائل أساسية لإدارة الحمل، ولكن أيضًا يبدو أنها تساهم في إدارة ضغوط رحلات الفضاء على المستوى الفسيولوجي".

أبحاث مستقبلية:

يذكر أن هذا البحث هو من بين أكثر من 12 ورقة بحثية نُشرت مؤخراً، والتي تحلل عينات من طاقم مهمة Inspiration4 ورواد فضاء آخرين أمضوا 6 أشهر أو سنة في محطة الفضاء الدولية. وتضع هذه الأبحاث حجر الأساس لقاعدة بيانات بيولوجيا الفضاء التي سيتم استخدامها في المستقبل، لتقليل المخاطر الصحية لرواد الفضاء المتجهين إلى القمر والمدار القمري وربما حتى المريخ.

أهمية الدراسة:

إذا تأكدت هذه النتائج، فقد يكون لها تأثير كبير على كيفية اختيار وتدريب الطواقم المستقبلية للبعثات الفضائية الطويلة. معرفة أن النساء قد يكن أكثر مقاومة لضغوط الفضاء يمكن أن يغير بشكل كبير من استراتيجيات إعداد الطواقم ويعزز من فرص نجاح البعثات إلى الفضاء العميق.

إرسال تعليق

أحدث أقدم