الكوكب يشتعل هذه الأيام نتيجة موجة حرائق واسعة وعنيفة اجتاحت مناطق متعددة حول العالم، مما يعمّق أزمة تغير المناخ التي تواجه البشرية. لم تعد الحرائق مقتصرة على منطقة معينة، بل تجاوزت الحدود الجغرافية لتشمل القارات الخمس، حيث شهدت أوروبا، آسيا، أمريكا الشمالية، وأستراليا موجات حرائق غير مسبوقة.
في أوروبا، اشتدت الحرائق بشكل خاص في مناطق البحر المتوسط مثل إسبانيا وفرنسا واليونان وتركيا، حيث أتت على مساحات شاسعة من الغابات والأراضي الزراعية، وتسببت في تهجير عشرات الآلاف من السكان. مثلاً، شهد جنوب فرنسا حريقاً هائلاً في منطقة كوربيير، تسبب في تدمير مساحات واسعة من الغابات والمنازل، مع وقوع ضحايا وإصابات. كذلك، لم تكن شمال أوروبا بمنأى عن هذه الظاهرة، فقد نشبت حرائق في بريطانيا وأيرلندا وألمانيا وهولندا نتيجة موجات جفاف غير معتادة.
أما في آسيا، فشهدت كوريا الجنوبية أسوأ حرائق بتاريخها، تسببت في وفاة عشرات الأشخاص وإجبار آلاف على النزوح. وفي روسيا، وخاصة في المناطق الشرقية، أتت الحرائق على مئات الآلاف من الهكتارات، مسببة خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وفي أمريكا الشمالية، وخصوصاً كندا، تواصل حرائق الغابات امتدادها لتصبح من أكبر مواسم الحرائق في تاريخ البلاد، حيث احترقت ملايين الهكتارات من الغابات، مما أثر على جودة الهواء في الولايات المتحدة والمدن المجاورة. كما أن موسم الحرائق في أستراليا بات يتداخل زمنياً مع مواسم الحرائق في أمريكا الشمالية، مما يشكل تحديات كبيرة أمام فرق الإطفاء الدولية.
السبب الرئيسي لهذه الحرائق المتزامنة هو تفاقم أزمة تغير المناخ، حيث أدت موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة المتكرر إلى خلق ظروف مثالية لاندلاع حرائق أكبر وأخطر. كما أن هذه الحرائق تؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون، مما يسرّع من ظاهرة الاحتباس الحراري ويؤدي إلى دورة مفرغة من التدهور البيئي.
من الناحية الاقتصادية والإنسانية، تكبدت الدول خسائر فادحة، حيث تتضرر صحة السكان بسبب تلوث الهواء وتتعطل الأنشطة الاقتصادية، فيما تتعرض البيئة لخسائر لا تعوض. لذلك، هناك دعوات متزايدة للتركيز على الوقاية وإدارة الغابات بشكل أفضل، بالإضافة إلى التعاون الدولي في مواجهة هذه الكوارث المناخية التي أصبحت تهدد مستقبل الكوكب.
باختصار، الحرائق المنتشرة اليوم عبر العالم ليست مجرد أحداث طبيعية عابرة، بل هي تحذير صارخ من عواقب التغير المناخي التي تستدعي تحركاً عالمياً عاجلاً ومستداماً لحماية الأرض وأجيالها القادمة.